
أجرت الإعلامية مارتا زابلوكا حوارًا صحفيًّا مع قداسة البابا تواضروس الثاني، لصالح وكالة الأنباء البولندية (P. A. P)، بينما قام الدكتور آدم حسين بالترجمة من العربية إلى البولندية.
الافتقاد
أكد قداسة البابا خلال الحوار أن الهدف من الزيارة هو افتقاد أبناء الكنيسة القبطية المقيمين في بولندا، مشيرًا إلى وجود كنيسة تخدم حوالي ٤٠٠ شخص ما بين طلاب وعائلات عاملة، وهناك كاهن يخدمهم ضمن إيبارشية وسط أوروبا التي يشرف عليها نيافة الأنبا جوڤاني، بالإضافة إلى لقاءات مع مسؤولين مصريين وبولنديين.
محبة للبابا فرنسيس
وأعرب قداسته عن محبته الكبيرة للبابا فرنسيس بابا الفاتيكان الراحل، لافتًا إلى أنهما التقيا كثيرًا، وبرحيله فقدنا خادمًا حقيقيًا للإنسانية، لكن في المقابل أصبح لدينا صديق في السماء يصلي من أجل الإنسان والمسيحية.
واستعرض قداسته أبعاد علاقته الوثيقة بـ “البابا فرنسيس”، واصفًا إياه بأنه كان علامة فارقة في تاريخ الكنيسة وتاريخ الشعوب.
وحول اللقاء الذي ترك أثرًا خاصًا، قال قداسة البابا: “كان اللقاء الأخير في مايو ٢٠٢٣ خلال زيارتي للفاتيكان، وكانت المحبة العميقة توثق علاقتنا حيث التقينا في ساحة القديس بطرس وأجرينا خطابات وتناولنا الطعام معًا في لقاء مميز تحدثنا فيه عن أخبار الكنيستين”.
وخلال اللقاء الرسمي قدمنا جزءًا من متعلقات شهداء ليبيا الأقباط الذين استشهدوا عام ٢٠١٥، وقد بدا البابا فرنسيس متأثرًا جدًا وأظهر مشاعر محبة عميقة، وقرر إقامة مذبح خاص على اسم هؤلاء الشهداء في الفاتيكان.
الوحدة
وعن رؤيته لتحقيق الوحدة بين المسيحيين، أوضح قداسة البابا تواضروس أن الطريق يتطلب عدة خطوات: أولاً إقامة علاقات محبة مع جميع الكنائس، ثانيًا إجراء دراسات متخصصة لفهم تاريخ وعقائد كل كنيسة، ثالثًا السير بخطوات حوار لاهوتي معمق وأخيرًَا الصلاة من أجل تحقيق هذه الرغبة لأن رغبة المسيح هي أن يكون الجميع واحدًَا.
وفيما يخص تحقيق الوحدة على أرض الواقع، أشار قداسته إلى وجود خطوات حقيقية قائمة بالفعل حيث أكد: “هناك محبة متبادلة وحوارات لاهوتية جادة مثل الحوار القائم بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية والذي ساعدنا على فهم بعضنا البعض بشكل أعمق” ولا ننسى أن الانشقاق وقع عام ٤٥١ ميلاديًّا أي منذ خمسة عشر قرنًَا ولذلك فتصحيح المسار يحتاج إلى وقت طويل وجهد مستمر.
وعن كيفية تعميق الفهم بين الكنيستين قال: “من الضروري أن تتعرف الكنيسة الكاثوليكية أكثر على عقائدنا وتقاليدنا حيث لدينا تراث كبير وكنوز روحية من شروحات الآباء الأوائل والكنيسة القبطية تسير في خط مستقيم منذ أيام المسيح وحتى اليوم” وأضاف: “لدينا أكثر من ٢٠٠ يوم مخصصة للأصوام كل عام ولدينا ألحان كنسية عظيمة باللغة القبطية وفنون الأيقونات المقدسة وزيارة أديرتنا والتعرف على حياتنا الرهبانية يشكل خطوة مهمة للتقارب”.
وحول زيارته لبولندا أوضح أنها الزيارة الأولى لقداسته لها فقال: “قرأت كثيرًَا عن بولندا منذ وقت قداسة البابا يوحنا بولس الثاني البولندي الأصل كما تعرفت على مدينة كراكوف والرئيس البولندي الشهير ليخ ڤاونسا وازدادت رغبتي في زيارتها بعد زيارة الرئيس البولندي الحالي وقرينته إلى مصر حيث استقبلناهما في كاتدرائية مار مرقس بالعباسية والتقيا كذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
وعن عدد الأقباط في أوروبا وخارج مصر قال قداسته: “يبلغ عدد الأقباط خارج مصر حوالي ٣ ملايين من أصل ٩ ملايين مصري مقيمين بالخارج حيث تضم الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا أكبر عدد منهم ولدينا كنائس وأديرة هناك تخدمهم” مؤكدًا أن مسؤولية الكنيسة هي رعاية كل إنسان حتى لو كان في بلد لا يوجد به سوى ثلاثة أو أربعة أفراد حيث يزورهم الكاهن كل ستة أشهر.
تحدث قداسة البابا عن أبرز المشكلات التي تواجه الأسر المسيحية بصفة عامة فأشار إلى أن أول مشكلة هي المشكلات الاقتصادية وخاصة لدى الأسر المحتاجة منهم وثانيًَا التعليم حيث إن التعليم الجيد مكلف للغاية وثالثًَا تأثير الإعلام الرقمي الذي أثر على فكر وأخلاقيات الشباب وهو أمر لا يتماشى مع ثقافتنا الشرقية وهنا يأتي دور الكنيسة للحفاظ على نقاء الفكر وتحصين أبنائها من هذه المؤثرات.
محبه وتلاحم
كما أكد أن مصر رغم التحديات لا تعاني من اضطهاد ديني بين المسلمين والمسيحيين قائلاً: “نعيش في محبة وتلاحم منذ قرون حيث نعمل ونتعلم ونتعالج معاً والتقارير التي تصدر عن حقوق الإنسان كثيراً ما تكون مسيسة أدعوكم لزيارة مصر ورؤية الحقيقة بأنفسكم”.
عن مصادر الدعم الروحي قال: “الدعم الحقيقي يأتي من الله وحده ومن الكنائس والأديرة فالله محب لكل البشر صانع الخير وضابط الكل لذلك نحيا في طمأنينة وسلام ونكرر كل يوم: يا ملك السلام أعطنا سلامك”.
وحول الذين يعانون من أزمات إيمانية أو الشك أضاف البابا: “الابتعاد عن الله يدخل الإنسان في دائرة الشك واليأس مما يؤدي لمشكلات خطيرة مثل الإلحاد والانتحار فالعالم اليوم بحاجة للمزيد من الحب فالجوع الحقيقي ليس للجوانب المادية بل للمحبة”.
وفي ختام حديثه شدد قداسة البابا على أهمية المحبة والخدمة لدور الكنيسة لمساعدة كل إنسان.
.
تعليقات