الإسرائيليون يغادرون سيناء في مشاهد مؤلمة

الإسرائيليون يغادرون سيناء في مشاهد مؤلمة

بعد نصر السادس من أكتوبر عام 1973، بدأت جولة جديدة من الصراع مع الجانب الإسرائيلي، وهي المعركة الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل. بدأت هذه المرحلة بالمفاوضات للفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية في عامي 1974 و1975، تلتها مباحثات كامب ديفيد التي أدت إلى تأسيس إطار للسلام في الشرق الأوسط، وفي عام 1979 تم توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

المستوطنات الإسرائيلية في سيناء

كان الإسرائيليون يعتقدون أن مصر قد انهزمت في حرب الـ 6 أيام، وأن جيشها لن يُعزز قوتهم مرة أخرى، وكانوا يظنون أنهم سيبقون في سيناء إلى الأبد، يبنون ويعمرون لفرض سياسة الأمر الواقع. كانوا يعتقدون أن مستوطناتهم في سيناء ستبقيهم هناك إلى الأبد، لكن اليد التي بنت هي نفسها التي هدمت ما قاموا ببنائه، والسر يكمن في القوة المصرية التي ألحقت بهم الهزيمة الكبرى في نصر أكتوبر 1973، والتي فرضت عليهم قوة السلام في عام 1979.

من عام 1967 حتى عام 1982، أنشأ الإسرائيليون المستعمرات والمنازل والمزارع، كما قاموا ببناء الطرق والمباني الخدمية والمشاريع السياحية، وفتحوا مطارات وموانئ، محاولين فرض سياسة الأمر الواقع بأن سيناء لم تعد مصرية كما كانت، لكن الشعب المصري كان له رأي آخر في ذلك.

المستعمرات الإسرائيلية بشمال سيناء

تُعد مستعمرة ياميت أكبر تجمع استعماري أقامته إسرائيل في سيناء، وكانت تقع في شمال سيناء وتطل على البحر الأبيض المتوسط، وكانت تضم 15 مستعمرة. كانت إسرائيل تخطط للإبقاء على هذا الإقليم الاستعماري تحت سيادتها وعدم تسليمه لمصر بعد توقيع اتفاقية السلام، لكنها لم تتمكن من ذلك.

ضمّت مستعمرة “ياميت” عددًا من المستعمرات الصغيرة، منها: 1 – مدينة ياميت “المدينة البحرية”

أُقيمت في منتصف السبعينيات، وكانت مركزًا لإقليم “ياميت” الاستعماري، لذا حمل الإقليم نفس اسمها. كان الهدف من إنشاء المدينة هو إحداث تواصل إقليمي بين سيناء والنقب، وعزل قطاع غزة عن شمال سيناء. جاء إنشاؤها ضمن خطة “المستعمرات المحيطة بغزة” التي تضمنت إحاطة قطاع غزة بالتجمعات السكنية الإسرائيلية مثل عسقلان في الشمال وبئر سبع من الشرق وياميت من الغرب، وذلك بهدف محاصرة القطاع والحد من توسعه.

كانت إسرائيل تخطط لجعل مدينة ياميت مدينة ضخمة يصل عدد سكانها مع بداية القرن الحادي والعشرين إلى ربع مليون نسمة، بالإضافة إلى إنشاء مرفأ بحري ضخم لتصبح ثالث أكبر مدينة ساحلية لإسرائيل بعد تل أبيب وحيفا.

2- مستعمرة “سادوت”

تُعتبر أولى البؤر الاستعمارية التي أُقيمت في إقليم “ياميت”، حيث أُقيمت البنية التحتية لها في عام 1969 على أرض تمتلكها قبيلة بدوية تم تهجير أهلها من المنطقة، وبعد الانتهاء من إنشائها في عام 1971 تم تشغيلهم كعمال في المستعمرة.

كانت للمستعمرة أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة لإسرائيل، مما شجع على إقامة باقي مستعمرات الإقليم تباعًا، كما اكتشفت إسرائيل آبار نفط بجوار هذه المستعمرة أُطلق عليها حقل “سادوت” النفطي، وتم إخلاء هذه المستعمرة في عام 1981.

3- مستعمرة “ناؤت سيناي”

أُقيمت هذه المستعمرة على بعد حوالي خمسة كيلومترات شمال شرقي مدينة العريش، وكانت في بدايتها عبارة عن معسكر حربي ثم أُعلنت كمستعمرة في عام 1972. في بداية عام 1978 انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “مناحم بيجين” كعضو شرفي في هذه المستعمرة.

4- مستعمرة “خروبيت”

أُقيمت مستعمرة خروبيت في عام 1975، واكتشفت إسرائيل بجوارها موقعًا أثريًا يعود إلى عصر المملكة المصرية الحديثة. وقامت إسرائيل بتدمير جميع مباني مستعمرات إقليم ياميت بالكامل قبل تسليمها للمصريين، باستثناء مستعمرة “ناؤت سيناي”، ولا تزال أنقاض مباني تلك المستعمرات موجودة حتى الآن.

المستعمرات الإسرائيلية بجنوب سيناء بالإضافة إلى مستعمرات إقليم ياميت في شمال سيناء، أقامت إسرائيل أربعة مستعمرات أخرى في جنوب سيناء، وكان أهمها:

مستعمرة “أوفيرا” وقمة السادات وبيجين

أُقيمت في المنطقة الممتدة من خليج نعمة وحتى رأس محمد، وكانت تعتبرها إسرائيل عاصمة جنوب سيناء التي أطلقت عليها منطقة “شلومو”. قامت وزارة الإسكان الإسرائيلية خلال الأعوام ما بين 1969 – 1975 بتوطين مئات الأسر اليهودية، وأقامت بها عدة فنادق ومطار، وكانت إسرائيل تخطط لإبقاء سيطرتها على هذه المنطقة وعدم التنازل عنها لمصر.

شهدت هذه المستعمرة في عام 1981 عقد لقاء قمة أُطلق عليه “قمة أوفيرا” جمع بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجين. وفي عام 1982 تم إخلاؤها وتسليمها للمصريين، لكن لم يتم هدم منازلها كما حدث في ياميت، حيث تم تسكين عدد من أهالي سيناء في منازل المستعمرة.

مستعمرة “شلهفيت” .. حقول البترول

مستعمرة “شلهفيت” أُقيمت في منطقة “أبورديس” المطلة على خليج السويس بالقرب من حقول البترول، وكان يقيم بها العمال والمهندسون الإسرائيليون الذين كانوا يعملون في حقول بترول أبورديس.

خلال فترة احتلالها لسيناء، أنهت إسرائيل استغلال بترول أبورديس بشكل كبير، حيث كانت تلك الحقول توفر لإسرائيل نصف احتياجاتها من الوقود، كما قامت بتصدير كميات ضخمة من نفط أبورديس إلى الخارج، مما حقق مكاسب كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي.

عند انسحاب إسرائيل من أبورديس في عام 1975، خلفت وراءها آبار النفط هذه وهي مدمرة تمامًا، وادعت أنها دُمّرت جراء عمليات قوات الكوماندوز المصرية خلال حرب 1973.

المطارات الإسرائيلية في سيناء أنشأت إسرائيل ثلاث مطارات أثناء احتلالها لسيناء، دمرت واحدًا منها بالكامل قبل الانسحاب، واضطرت إلى إبقاء اثنين منها في حالة جيدة وسلمتهما إلى مصر، منها مطار “أوفير” المعروف بمطار “شرم الشيخ” الحالي ومطار “عتسيون” المعروف بمطار “طابا الدولي” الحالي ومطار “إيتام” المعروف بمطار “العريش الدولي” حاليًا.

إتبعنا