السفارة السودانية
في بيان لافت أطلقت السفارة السودانية في العاصمة السعودية الرياض سلسلة تحذيرات لرعاياها المقيمين على الأراضي السعودية، بالتزامن مع إعلان المملكة تمديد تأشيرات الزيارة للسودانيين الهاربين من أتون الحرب. وبينما عبّر كثيرون عن امتنانهم للقيادة السعودية على هذه الخطوة الإنسانية، تساءل آخرون: لماذا الآن؟ ولماذا جاءت التحذيرات مصاحبة لهذا الامتياز؟ وهل يعكس البيان بوادر أزمة قانونية أو سياسية مقبلة؟
في الوقت الذي عبّرت فيه السفارة عن “بالغ تقديرها” للمملكة العربية السعودية على تسهيلات التأشيرات، شدّدت في المقابل على ضرورة “الالتزام الكامل بالقوانين” و”عدم التجمهر أو تنظيم المواكب أو التجمعات دون تصاريح”. هذا التناقض الظاهري بين الشكر والتحذير فتح باب التأويلات، حيث رأى البعض أن السفارة تحاول نزع فتيل أزمة محتملة، خصوصًا في ظل الأوضاع المضطربة التي يعيشها السودانيون داخل وخارج بلادهم.
عبارات مثل “عدم التجمهر” و”الحصول على تصاريح رسمية” ليست جديدة في قاموس السفارات، لكنها في هذا السياق تحديدًا تُقرأ بعيون حذرة. فهل هناك حالات مسبقة أثارت قلق السلطات السعودية؟ أم أن السفارة تستبق سيناريوهات محتملة خوفًا من استغلال الوضع الإنساني لإحداث فوضى اجتماعية؟ التساؤلات قائمة، والإجابات الرسمية غائبة.
البيان أشار إلى “تطور متسارع في العلاقات بين البلدين”، لكن البعض يرى أن هذه الشراكة لا تخلو من الحذر المشروط. فالمملكة، المعروفة بصرامتها في تطبيق القوانين، قد لا تتساهل مع أي خرق محتمل، خصوصًا في ظل التوترات الإقليمية وملف اللاجئين الآخذ في التوسع. والسؤال الآن: هل تستطيع الجالية السودانية الحفاظ على هذا التوازن الدقيق بين الامتنان والالتزام؟
القرار السعودي بتمديد التأشيرات خطوة إيجابية لا شك فيها، لكنه يحمل بين طياته مؤشرات على مراقبة لصيقة وتحذيرات مشددة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع: هل هو دعم مؤقت مرتبط بالوضع السياسي في السودان؟ أم بداية لنهج أكثر تحفظًا تجاه الجاليات في المملكة؟ الجالية السودانية في السعودية تقف اليوم بين امتياز استثنائي ومسؤولية مضاعفة.. والعيون تترقب أي خطأ قد يُكلّف الكثير.