
في سياق الفرص الاقتصادية التي يقدمها الاقتصاد الدائري للدول النامية، قام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء باستعراض التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان “الاقتصاد الدائري: كيف يمكن للدول النامية أن تزدهر مع عدد أقل من المنتجات الجديدة”، والذي ناقش الفرص الاقتصادية التي يوفرها الاقتصاد الدائري من خلال تقليل الاعتماد على إنتاج السلع الجديدة، والتركيز على الإصلاح، والتجديد، وإعادة التصنيع، والتدوير.
ركز التقرير على قدرة الدول النامية على تحقيق الازدهار ضمن إطار الاقتصاد الدائري من خلال تبني ممارسات إعادة التصنيع والتدوير، مما يسمح بتحقيق دورات متعددة من الإيرادات ويساهم في خلق وظائف جديدة في مجالات الصيانة واستعادة الأجزاء، ويقلل من الاعتماد على صادرات المواد الخام، مما يعزز من المرونة الاقتصادية.
أشار التقرير إلى أن الاستثمار في البنية التحتية الدائرية وتطوير المهارات يمكن أن يحول بعض الدول النامية إلى مراكز إقليمية للتجديد والتدوير، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويؤمن نموًا طويل الأمد. كما بدأت العديد من الحكومات والشركات في اعتماد استراتيجيات الاقتصاد الدائري التي تعطي الأولوية لمتانة المنتج وقابليته للإصلاح وإعادة التدوير، كوسيلة مستقرة للإيرادات وللتعامل مع تقلبات السوق للمواد الخام.
وأوضح التقرير أن اقتصادات ناشئة مثل فيتنام وبنجلاديش والمكسيك قد شهدت زيادة في سلاسل الإمداد العالمية بفضل انخفاض تكاليف العمالة والسياسات التجارية المواتية، ولكن هذا النمو يعتمد على الطلب العالمي المستمر على المنتجات الجديدة، مما يعرّض تلك الاقتصادات لمخاطر في ظل الانتقال إلى نماذج استهلاك دائرية تقلل من الحاجة للمنتجات المصنعة حديثًا.
كما أوضح التقرير أن التحول نحو الاقتصاد الدائري سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في النماذج الصناعية، مما يؤثر على العمالة والصادرات والتنافسية والبنية التحتية والمهارات. ولذلك فإن استيعاب هذه التحولات أمر أساسي للدول التي تسعى للبقاء في موقع تنافسي والاستفادة من فرص النمو الجديدة ضمن هذا النظام المتغير.
استعرض التقرير خمس نتائج رئيسة لهذا التحول تتضمن:
– احتمالية فقدان وظائف في الصناعات المعتمدة على تصنيع المنتجات الجديدة.
– تراجع محتمل في عائدات الصادرات للدول التي تعتمد على المواد الخام أو المنتجات المصنعة حديثًا.
– تراجع التنافسية في الدول التي لا تعتمد نهجًا دائريًا.
– الحاجة إلى إعادة هيكلة سلاسل الإمداد.
– اتساع الفجوة في المهارات بين العمالة الحالية واحتياجات الاقتصاد الدائري.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يُبرز التقرير فرصًا اقتصادية كبيرة للدول النامية ضمن الاقتصاد الدائري، حيث يمكن لهذه الدول أن تستفيد من خبراتها الصناعية ومواقعها الاستراتيجية وتكاليفها التنافسية لتصبح محاور في سلاسل القيمة العالمية المعتمدة على الإصلاح والتجديد وإعادة التصنيع والتدوير، مما يمكنها من تحقيق إيرادات متكررة وتنمية مستدامة.
تناول التقرير نماذج متعددة من فرص الإصلاح، مثل إنشاء مراكز إصلاح قريبة من الأسواق الكبرى كما تفعل دول أوروبا الشرقية، ويقترح أن دولًا مثل ماليزيا وفيتنام وتايلاند يمكن أن تصبح مراكز إصلاح للأسواق الآسيوية، خاصة في ظل صعود نماذج “المنتج كخدمة”، حيث لا يُباع المنتج بل يُؤجر، مما يسمح بإجراء الإصلاحات في مراكز مركزية على دفعات.
يركز التقرير كذلك على إمكانات التجديد وإعادة التصنيع، حيث يحقق هذا النموذج قيمة مضافة من خلال استعادة المنتجات وإعادة بيعها أو تجميعها بحالة “كالجديدة”. وتُعد دول مثل نيجيريا والمكسيك والهند وفيتنام مراكز مرشحة لهذا الدور، خاصة في قطاعات الإلكترونيات والمعدات الصناعية والسيارات، نظرًا لتوفر البنية التحتية والمهارات والقدرات اللوجستية.
أشار التقرير إلى أهمية استعادة الأجزاء من المنتجات التالفة، وهو نشاط شائع في أسواق غير رسمية مثل “نات تاو” في مدينة هوشي. كما يُبرز إمكانية استخدام البطاريات المستعملة من المركبات الكهربائية في تخزين الطاقة الثابتة، مما يوفر حلولًا محلية بأسعار معقولة ويسهم في تعزيز أمن الطاقة في الدول النامية.
واستعرض التقرير في ختامه آفاق تطوير قطاع إعادة التدوير كمصدر نهائي لاستخلاص المواد الخام من النفايات الإلكترونية، ويقترح أن دولًا مثل تشيلي وبيرو يمكن أن تتحول من التعدين التقليدي إلى “التعدين الحضري”، في حين يمكن للدول التي طورت قطاعات إعادة التدوير الرسمية مثل الهند والمكسيك دمج العاملين في الاقتصاد غير الرسمي ضمن شبكات منظمة، مما يعزز من فرص العمل والممارسات المستدامة على نطاق واسع.
تعليقات